إمام الأغنياء فى الجنة

أحبتى فى الله

نحن على موعد مع الصحابى السابع فى سلسلة ما بدأناه " الصحابة الكرام حول الرسول صلى الله عليه وسلم "

إنه أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأحد السابقين البدريين ، وأحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام .

إنه إمام الأغنياء فى الجنة

إنه الصحابى الجليل عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه وأرضاه

كان من الأغنياء الشاكرين ، بعد أن كان من الفقراء الصابرين .

وكان إسمه فى الجاهلية عبد الكعبة ، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن ، وهاجر إلى المدينة فقيراً لايملك شيئاً .

فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع ، فعرض عليه أن يشاطره ماله ، وأن يُطلق له أحسن زوجتيه ، فقال له :

بارك الله لك فى أهلك ، ومالك ، ولكن دلنى على السوق .

فذهب وباع واشترى وربح ، ثم لم يلبث أن صار معه دراهم ، ثم آل أمره فى التجارة إلى النجاح الباهر ، الذى عن طريقه شكر ربه بالصدقات الكثيرة .

وأصيب عبد الرحمن فى يوم أُحد ، فكان ساقط الثنيتين ، وجُرح عشرين جرحاً ، بعضها فى رجله ، فعرج . المستدرك (3/308)للحاكم ،والطبرانى(261)فى الكبير

وسُئل المغيرة بن شعبة:

هل أم النبي صلى الله عليه وسلم أحدٌ من هذه الأمة غير أبى بكر ؟

فقال: نعم، توضأ النبى صلى الله عليه وسلم ، ومسح على خُفيه ،وعمامته، وصلى خلف عبد الرحمن بن عوف ، وأنا معه ، ركعةً من الصبح ، وقضينا الركعة التى سُبقنا . حديث صحيح أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود

وكانت عامة ماله من التجارة ، وكان يشعر بفضل الله عليه .

يقول نوفل بن إياس الهذلى:

كنت جليساً لعبد الله بن عوف ، وكان نعم الجليس ، وانقلب بنا يوماً حتى دخلنا بيته ، فدخل واغتسل ، وأتينا بصفحة فيها خبز ولخم ، فلم وُضعت بكى عبد الرحمن بن عوف فقلنا له: ياأبا محمد مايبكيك ؟

قال: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ، ولا أرانا أخرنا لها ، لما هو خيرٌ منها .

وأُتي فى يوم بطعام ، وكان صائمأً ، فبكى عند وضعه بين يديه ، وقال:

قُتل حمزة فلم نجد ما نكفنه فيه ، وهو خيرٌ منى .

وقُتل مصعب بن عُمير، وهو خيرٌ مني فلم نجد ما نكفنه ، وقد أصبنا منها ما أصبنا ، وأعطينا منها ما أعطينا ، ثم قال رضى الله عنه :

إني لأخشى أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا فى الدنيا .

وقد رأى مايبشره قبل وفاته بشهر واحد .

يحدثنا إبنه إبراهيم بن عبد الرحمن فيقول:
غُشيَ على أبى فى وجعه ،حتى ظنوا أنه قد فاضت روحه ،
فأفاق يُكبر ، فكبر أهل البيت ، ثم قال لهم : غُشي علي آنفا ؟
قالوا : نعم. قال صدقتم ، انطلق بي في غشيتي رجلان أجد فيهما شدة ، وفظاظة ، فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين ، فانطلقل بي حتى لقيا رجلاً .
قال: أين تذهبان بهذا ؟

قالا :نحاكمه إلى العزيز الأمين .

فقال: ارجعا ، فإنه من الذين كتب الله لهم السعادة والمغفرة ، وهم فى بطون أمهاتهم ، وإنه سيُمتع به بنوه إلى ما شاء الله ، فعاش بعد ذلك شهراً . خبر صحيح أخرجه ابن سعد(3/1/95) والحاكم (3/307)

وسُمع على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه يقول يوم مات عبد الرحمن بن عوف :

اذهب يا بن عوف ، فقد أدركت صفوها ، وسبقت رنقها . خبر صحيح أخرخه الطبرانى(263)فى الكبير

فهذا هو إمام الأغنياء فى الجنة

وهذا هو الغني الشاكر

رضي الله عنه وأرضاه

أحبتي في الله

أرجو أن أكون قد وُفقت فى سرد بعض من جوانب حياة وسيرة هذا الصحابي الجليل

وإن شاء الله تعالى نكمل المسير مع رجال أبطال من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهو " أول من رمى بسهم في سبيل الله "

ومن الله التوفيق والسداد

اللهم ارزقنا محبتك ، وانعم علينا بالنظر إلى وجهك الكريم ، في جنات النعيم ، وصحبة النبي الهادي الأمين ،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مع خالص تحياتي وتقديري

أخوكم/ الراقي

اللهم صلي على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثير ا وبارك الله فيك اخي

بارك الله فيك